النبي الأعظم يحب الضحك!
لم
يكن الاسلام يعارض نزوع الانسان الفطري الى الانبساط و الضحك, ولم يكن ليكبح جماح
النفس حين تتوق الى الترويح و التخفيف من بعض أعباء الدنيا ذلك أنه دعا الى اعتماد
الابتسامة في التعامل بين الناس كمدخل للتواصل بين المسلمين بدليل قوله صلى الله
عليه وسلم " الابتسامة في وجه أخيك صدقة " جاعلا منها مرادفا للثواب
لذلك, كان النبي الأعظم لا ينفك يبتسم في وجه الناس, من منطلق حبه أن تكون شخصية
المسلم متفائلة, بشوشة و مشرقة أيضا... لذلك, وهذا موثق في سيرته الشريفة, كان
يكره الشخصية العبوسة و المتطيرة التي لا تنظر الى الحياة و الناس الا من خلال
منظار قاتم أسود. و هكذا يجزم بعض الفقهاء بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب المزاح
مع أصحابه و زوجاته, فكان رغم انشغالاته و همومه الكثيرة يضحك و " يمزح ولا
يقول الا حقا " حتى أن أصحابه كانوا أفكه الناس و أكثرهم انتاجا للطرائف.
لكنه في المقابل ضحك مقبول, غير خارج عن ظوابط الشرع, باعتبار الضحك مطلوب ومرغوب
فيه في الاسلام, شريطة عدم الاكثار منه.
تصوروا أن النبي صلى الله عليه وسلم, وهو خير الناس
و أعظم خلق الله, كان ينادي أحد صحابته. وهو أنس بن مالك " يا ذا الأذنين
" حتى يخلق جوا مرحا معه. وكان يتسابق مع زوجته عائشة رضي الله عنها للانصهار
في عالمها. فقد حدث أن تسابقا فسبقته, وعادا مرة أخرى للسباق فسبقها, ليقول لها
" هاته بتلك " و هي بلغة اليوم أننا " أصبحنا متعادلان يا عائشة
"... الأكثر من ذلك أنه صلى الله عليه وسلم يفرح كثيرا حين يرى صحابته يضحكون
في ما بينهم, بل وينخرط معهم في هذا الجو, مادام الانبساط بالنسبة له يجمع الناس و
لا يفرقهم... فقد روى الترميذي في حديث صححه الألباني, أن النبي الأعظم كان في
مجمع للصحابة وهم يتمازحون, فطعن أحد صحابته بعصا, فأبا الرجل من باب المزاح أن يرد
ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم, هنا لم يشعر النبي الكريم بأي حرج, و لم يقمع
الصحابي الذي تجرأ على أن يرد طعنته و انما تبسم و سمح له بذلك مادام الصحابي يهدف
الى الضحك مع رسول الاسلام .
ذات يوم , جاء أعرابي يسمى زاهر بن جزام يسأل
عن النبي الكريم في بيته فلم يجده, ثم انصرف الى حال سبيله. و كان زاهر دميم الوجه
لا يلتفت اليه أحد, لكنه يحب الرسول صلى الله عليه وسلم كثيرا, حيث لا يدع الفرصة
تفوته كلما زار المدينة الا و أتى النبي طرفة أو هدية. و حسب بعض الرواة, فعندما جاء
النبي الى بيته أخبروه أن زاهر جاء لرؤيته...
هنا, لم يصرف النبي الكريم نظره عن الرجل, ولم يؤجل الأمر الى حين, بل سارع الى
رؤية الأعرابي الذي لا يهتم به أحد, بعد أن خمن امكانية تواجده في السوق للتجارة,
و تبعا للرواية, عندما رأى النبي الكريم زاهر بن حرام في السوق أمام بضاعته جاءه
من الخلف وقبض عليه, ثم صاح الرسول الكريم " من يشتري العبد ؟" وكان
صدره قد التصق بظهر زاهر, ولما التفت هذا الأخير وجد النبي صلى الله عليه وسلم,
فسلم عليه وقبل كثفيه, ثم قال " اذا ستجدني كاسدا " ( أي لايوجد من
يشتريني من عندك ) فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم " لكنك عند الله لست
بكاسد " .
حسن عين الحياة